
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح مؤتمر المناخ “كوب 26″ (COP26) إلى “إنقاذ البشرية”، في وقت يدق فيه خبراء البيئة ناقوس الخطر.
وأمام أكثر من 120 من قادة العالم المجتمعين أمس الاثنين في غلاسكو للمشاركة في القمة التي تستمر أسبوعين، قال الأمين العام للأمم المتحدة “آن الأوان للقول كفى”.
وتصدّر دول مجموعة العشرين -التي تشمل الصين والولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي وروسيا- حوالي 80% من انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وهي لم تتوصل خلال قمّتها في روما إلى تحديد موعد لتحقيق الحياد الكربوني.
الفرصة الأخيرة
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون “إنها الفرصة الأخيرة وعلينا التحرك حالا”، وتحدث عن تفجر غضب شعبي “لا يمكن احتواؤه” في حال فشلت القمة في تحقيق الهدف المنشود.
وأضاف رئيس الوزراء إنه إذا فشل الزعماء في تحقيق الهدف، فإن الأجيال التي لم تولد بعد “لن تسامحنا”.
وشكّل كلام جونسون استعادة لما سبق أن قالته الناشطة البيئية غريتا تونبرغ (18 عاما) الموجودة في غلاسكو مع الآلاف من المحتجين الآخرين، وهو حث القمة على عدم الانغماس في “الثرثرة”.

وتُعتبر قمة كوب 26 حيوية لاستمرارية اتفاق باريس الذي أبرم عام 2015، ونصّ على الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى “أقل بكثير” من درجتين مئويتين، والعمل على حصرها عند حدود 1.5 درجة.
ومع ارتفاع درجة الحرارة بما يزيد قليلا على درجة مئوية واحدة منذ الثورة الصناعية، تتعرض الأرض لموجات حر أكثر شدة من أي وقت مضى، وفيضانات وعواصف استوائية تتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحار.
وتستمر القمة حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني، ويلقي خلالها قادة دول العالم كلمات يعلنون فيها تعهّداتهم على صعيد خفض انبعاث غازات الدفيئة، واستثماراتهم في مشاريع لحماية البيئة.
وقف إزالة الغابات
وأعلنت الحكومة البريطانية -أمس الاثنين- أن أكثر من 100 من قادة العالم سيوقعون على اتفاق تاريخي لحماية واستعادة غابات الأرض.
وفي اليوم الثاني من قمة تغير المناخ “كوب 26” في غلاسكو اليوم الثلاثاء، سيلتزم القادة الذين تغطي بلادهم 85% من غابات العالم، بوقف وعكس اتجاه إزالة الغابات وتدهور الأراضي بحلول عام 2030، بحسب وكالة الأنباء البريطانية “بي إيه ميديا” (BA Media).
وقالت الحكومة البريطانية إن هذه التعهدات تأتي مدعومة بـ8.75 مليارات جنيه إسترليني من التمويل العام، إلى جانب 5.3 مليارات جنيه إسترليني أخرى من الاستثمارات الخاصة.

ورحب نشطاء وخبراء بهذا الالتزام الذي سيعلن عنه رسميا في مناسبة يعقدها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وسيتم خلالها الاعتراف بدور السكان الأصليين في حماية الغابات.
ومن بين الدول التي ستوقع الإعلان: البرازيل وروسيا، الدولتان اللتان توجَّه إليهما أصابع الاتهام من حيث تسريع إزالة الغابات على أراضيهما، بالإضافة إلى كل من الولايات المتحدة والصين وأستراليا وفرنسا.
احتجاجات
وفي الشوارع المجاورة لمقر انعقاد القمة، تظاهر محتجون لمواصلة الضغط على المندوبين.
وأعرب نشطاء من منظمة “أوكسفام” عن استيائهم من خلال الموسيقى مع فرقة أسكتلندية سميت “فرقة الهواء الساخن كوب 26″، وضع أعضاؤها أقنعة لوجوه قادة العالم.

ويرى مراقبون أن النقاشات في قمة غلاسكو المتواصلة حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني، لن تكون سهلة.
وقدمت معظم الدول بالفعل خططها لخفض الانبعاثات المعروفة باسم “المساهمات المحددة وطنيا” قبل كوب 26.
ولكن في حالة بقاء الالتزامات على حالها، فإنها ستؤدي إلى احترار “كارثي” بمقدار 2.7 درجة مئوية، وفق الأمم المتحدة.
فرصة رائعة
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن مخاطبا المندوبين إن العصر الحالي لكارثة المناخ يمثل “نقطة انعطاف في تاريخ العالم”، وأضاف أن الاستجابة لأزمة المناخ يجب أن ينظر إليها على أنها فرصة لاقتصادات العالم.
وأشار إلى أنه “وسط الكارثة المتنامية، أرى أن هناك فرصة رائعة، ليست فقط للولايات المتحدة وإنما لنا جميعا”.

بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدول التي تسجل أكبر انبعاثات لثاني أكسيد الكربون والمتأخرة في التزاماتها، إلى “رفع طموحاتها خلال الأيام الـ15” لمؤتمر كوب 26.
وفي رسالة وجّهتها عبر الفيديو، حضّت الملكة البريطانية إليزابيث الثانية -التي لم تتمكن من المشاركة في القمة حضوريا- على “توحيد الجهود” من أجل “تلبية نداء الأجيال المقبلة”.
والمسألة الأخرى الملحة تتعلق بإخفاق الدول الغنية في تخصيص 100 مليار دولار سنويا اعتبارا من عام 2020، لمساعدة الدول النامية على خفض الانبعاثات والتكيف، بناء على تعهّد صدر سنة 2009 للمرة الأولى.
وتأجّل هذا الهدف إلى عام 2023، ليفاقم أزمة الثقة بين دول الشمال المسؤولة عن الاحترار العالمي، وتلك الواقعة في جنوب الكرة الأرضية والتي تعد ضحية لتداعياته.
وقالت ميا موتلي رئيسة وزراء باربيدوس “لِيَرَ من له عينان، وليسمع من له أذنان، وليشعر من له قلب، نحن بحاجة إلى (تحديد سقف للاحترار) عند 1.5 درجة مئوية. بلوغه درجتين مئويتين يشكل حكما بالإعدام لشعوب أنتيغوا وبربودا والمالديف وفيجي وكينيا وموزمبيق وساموا وباربيدوس”.
وتابعت “نحن نرفض هذا الحكم بالإعدام، وجئنا إلى هنا لكي نقول: ضاعفوا الجهود”، مضيفة “نريد أن نكون موجودين بعد 100 عام”.